جردوها من ملابسها وسحبوها لمكان مظلم !!!
شدوا وثاقها وحرموها حواسها وشعرت بأنها موضوعه على ما يشبه الهودج في إرتفاعه وحركته،
سمعت صوت حبيبها وسطهم ماله لا يعنفهم،، ماله لا يمنعهم من أخذها..
صوت الخطوات الرتيبة تمشي على تراب خشن..
ونسائم فجرية باردة تلامس ثيابها البيضاء..
ورغم أنها لا ترى إلا أنها تخيلت الجو من حولها ضبابياً..
وتخيلت الأرض التي هي فيها الآن أرضاً خواء مقفرة..
أخيراً توقفت الخطوات دفعة واحدة ... وأحست بأنها توضع على الأرض..
وسمعت إلى جوارها حجارة ترفع وأخرى توضع..
ثم حملت ثانية..
وشاع السكون من حولها..
وأحست بالظلام ينخر عظامها.. ومن أعلى ..
تناهى لسمعها صوت نشيج..
إنه إبنها .. نعم هو .. لعله آت لإنقاذها .. لكن ماذا تسمع ..
إنه يناديها بصوت خفيض: أمي..
ومن بين الدموع .. يتحدث زوجها إليه قائلاً: تماسك ..
إنما الصبر عند الصدمة الأولى..
أدع لها يا بني هيا بنا .. غلبته غصة ..
وألقى نظرة أخيرة على الجسد المسجى فلم يتمالك نفسه
أن قال بصوت يقطر ألماً: لا إله إلا الله .. إنالله وإنا إليه راجعون..
كان هذا آخر ما سمعته منه..
ثم دوى صوت حجر رخامي يسقط من أعلى ليسد الفتحة
الوحيدة التي كانت مصدر الصوت والنور.. والحياة..
صوت الخطوات تبتعد .. إلى أين !
أين تتركوني!
كيف تتخلو عني في هذه الوحدة وهذه الظلمة..
نظرت حولها فإذا هي ترى..
أي شيء تستطيع أن تراه في هذا السرداب الأسود..
إنها لا تكاد ترى يدها..
كأنها مغمضة العينين تماماً .. سمعت الخطوات قد ابتعدت تماماً ..
فسرت رعدة في أوصالها ونهضت .. تبغي اللحاق بهم ..
لكن!
يداً ثقيلة أجلستها بعنف .. حدقت فيما خلفها برعب هائل..
فرأت مالم تره من قبل ..
رأت الهول قد تجسد في صورة كائن..
لكن كيف تراه رغم الحلكة؟
قالت بصوت مرتعش: من أنت؟
فسمعت صوتاً عن يمينها يدوي مجلجلاً: جئنا نسألك..
التفتت فإذا بكائن آخر مثل الأول ..
صمتت في عجز تمنت أن تبتلعها الأرض ولا ترى هؤلاء القوم..
لكنها تذكرت أن الأرض قد ابتلعتها فعلاً..
تمنت الموت لتهرب .. فحارت أمانيها .. لأنها ميتة أصلاً ..
من ربك؟
هاه!
من ربك؟
ربي ماعبدت سوى الله طول حياتي..
مادينك؟
ديني الإسلام..
من نبيك؟
نبيي.....
اعتصرت ذاكرتها مابالها نسيت إسمه ألم تكن تردده على لسانها دائماً..
ألم تكن تصلي عليه في التشهد خمس مرات يومياً..
بصوت غاضب عاد الصوت يسأل.!
من نبيك؟
لحظة أرجوك ... لا أستطيع التذكر ..
ارتفعت عصا غليظة في يد الكائن ..
وراحت تهوي بسرعة نحو رأسها .. فصرخت .. وتشنجت أعضاؤها ..
وفجأة أضاء اسمه في عقلها .. فصرخت بأعلى صوتها: نبيي محمد نعم محمد..
فقال لها الكائن الذي اسمه نكير: انقذتك دعوة كنت ترددينها دائماً..
(اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك)
سرت قشعريرة في بدنها أرادت أن تبتسم فرحة ..لكنها لم تستطع ..
ليس هذا موضع ابتسام ..
ياربي متى تنتهي هذه اللحظات القاسية..
بعد قليل..
قال لها منكر: أنت تؤخرين صلاة الفجر ..
اتسعت عيناها عرفت أنه لا منجى لها هذه المرة لأنه لم يجانب الصواب..
دفعها امامه..
أرادت أن تبكي قلم تجد للدموع طريقاً..
سارت أمام منكر ونكير في سرداب طويل إلى مكان أشبه بالمعتقلات شعرت بغثيان..
وتمنت لو يغشى عليها..
لكن لم يحدث..
فا ستمرت في التفرج على المكان الرهيب.. في كل بقعة كان هناك صراخ ودماء..
عويل وثبور..
وعظام تنكسر .. وأجساد تحترق ..
ووجوه قاسية نزعت من قلوبها الرحمة..
لا تستجيب لكل هذا الرجاء..
دفعها المكان من خلفها فسارت وهي تحس بأن قدميها تعجزان عن حملها..
وإذا بها تقترب من رجل مستلق على ظهره..
وفوق رأسه تماماً يقف ملك من أصحاب الوجوه الباردة الصلبة..
يحمل حجراً ثقيلاً.. وأمام عينيها ألقى بالحجر على رأس الرجل..
فتحطم وانخلع عن جسده متدحرجاً..
صرخت .. بكت .. ثم ذهلت ذهولاً ألجم لسانها .
.وسرعان ماعاد الرأس إلى صاحبه ..
فعاد الملك إلى إسقاط الصخرة عليه..
هنا قيل لها: هيا استلقي إلى جوار ها الرجل.
ماذا؟
هيا..
دفعت في عنف ..
هيا استلقي إلى جوار هذا الرجل..
ماذا؟
هيا..!
دفعت في عنف ..
فراحت تقاوم وتقاوم ولكن ..
لا فائدة إن مصيرها مظلم..
مظلم حقاً ..
استلقت والرعب يكاد يقطع أمعاءها..
استغاثت بربها ..
فرأت أبواب الدعاء كلها مغلقة ..
لقد ولى عهد الاستغاثة عند الشدة ..
ألا يا ليتها دعت في رخائها .. ياليتها دعت في دنياها ..
ليتها تعود لتصلي ركعتين فقط ..
تشفع لها .. نظرت إلى الأعلى فرأت ملكاً منتصباً فوقها ..
رافعاً يده بصخره عاتيه يقول لها : هذا عذابك إلى يوم القيامة (( لأنك كنت تنامين عن فرضك ))
>>>>>>> يارب ارحمنا برحمتك
ولما استبد اليأس بها .. رأت شاباً كفلقة القمر .. يحث الخطا إلى موضعها ..
ساورها شعور بالأمل .. فوجهه يطفح بالبشر ..
وبسمته تضيء كل شيء من حوله ..
وصل الشاب ومد يده يمنع الملك ..
فقال له: ما جاء بك؟
أرسلت لها لأحميها وأمنعك ..
أهذا أمر من الله عز وجل ..
نعم ..
لم تصدق عيناها لقد ولى الملك اختفى ..
وبقي الشاب حسن الوجه .. هل هي في حلم!
مد الشاب لها يده فنهضت ..
وسألته بامتنان: من أنت؟
أنا دعاء ابنك الصالح لك .. وصدقته عنك .. فمنذ أن مت وهو لا ينفك يدعو لك ..
حتى صور الله دعاؤه في أحسن صوره ..
وأذن له بالإستجابة والمجيء إلى هنا..
أحست بمنكر ونكير ثانية ..
فالتفتت إليهما ..
فإذا بهما يقولان: انظري هذا مقعدك من النار .. قد أبدله الله بمقعدك من الجنة ..
وولد صالح يدعو له
منقول للفائده