إلى الحوامل مع التحية
***
· أذكر أنني قرأت مرة مقابلة أجرتها إحدى المجلات أو الجرائد .. مع الأخ الكريم الأستاذ فاضل بن عبد الله الشقاق والد الشبل القارئ للقرآن وأظن أن اسمه محمد ..
· وكان مما علق في ذهني من تلك المقابلة .. حين حديث والد الشبل عن السبب في حفظ ابنه للقرآن ..
· وكان مما قال :
· أنهم كانوا يقرؤون القرآن للطفل مذ كان جنينا في بطن أمه .. وذلك من بعد نصحية تلقوها من البعض ..
· حينها كنت أضحك من الأمر .. وأقول ما هذه الخزعبلات .. أو قل : كنت أقول : كل شيء بتلصقونه في الدين والقرآن والأئمة !!
· لكن بعد أن منَّ الله تعالى علي بالتأمل فيما حولي من أمور ..
· خطر ببالي شيء عن هذا الموضوع هو :
· يا ترى أين الأعقل الإنسان – بل كل شيء - حينما كان طفلا أم الإنسان بعد أن يكبر ؟؟
· الجواب :
قبل أن نجيب على هذا السؤال .. نريد أن نعرف ما هو العقل في الأصل ..
· العقل إخواني وأخواتي هو المرآة الداخلية لنا ..
· العقل للحقائق الداخلية المعنوية تماما مثل المرآة المحسوسة التي نرى فيها وجوهنا والأشياء التي تنعكس فيها ..
· العقل مرآة تكس ما حولها من حقائق معنوية .. كما أن المرآة الحسية تكس ما حولها من محسوسات ..
· إذن العقل مرآة للأمور المعنوية ..
· وكلما كانت المرآة – الحسية والمعنوية – نظيفة أكثر .. كلما عكست الأشياء بصورة أوضح وأفضل ..
· وبما أن مرآة الإنسان الصغير لم تتلوث بعد بالماديات جراء البيئة حوله فهي أنقى ما تكون .. وبالتالي عكسها سيكون أدق ما يكون ..
· وكلما كبر الإنسان فإن عوامل البيئة السيئة ستؤثر على صفاء هذه المرآة .. وتبدأ المرآة تغبش ويكون صفاؤها أقل ..وعكسها لما حولها أقل صفاء ..
· وعليه فعقل الإنسان وهو صغير أكبر من عقله وهو كبير .. أو قل أصفى .. وإلا فالعقل واحد لا يكبر ولا يصغر في نفس الفرد ..
· وبالتالي فتلقي الجنين للمعارف سيكون أسرع وأصدق من تلقيه كلما كبر ..
· طبعا حين ينشأ في بيئة تعمل على توسيخ مرآة عقله .. أما في البيئة النقية فسيظل عقله على نقائه ..
· وعليه أيضا : ما يقال بأن الإنسان مفطور على العقل بالقوة .. يثبت أن العكس هو الصحيح .. أي أن الإنسان مخلوق على العقل بالفعل .. ولكن الماديات تغطي على هذه المرآة وتحجب إنعكاس الحقائق فيها ..
· والمخلوق مكلف بأن يبقي هذه المرآة نقية صافية كما كانت ..
· وهذه هي الأمانة الإلهية التي تحملها الإنسان ..
· وهذا ما يشير إليه الحديث العظيم للرسول الأعظم بما معناه : كل مولد يولد على الفطرة فأبواه يمجِّسانه أو يهودانه أو ينصرانه
· أي أن المخلوق مطبوعة صورة الباري في عقله لأنها صافية تعكس الحقائق حولها .. وأكبر حقيقة حوله هي حقيقة الله .. لكن البيئة تقوم بتغطية هذه المرآة فلا تعود قادرة على عكس الحقائق ..
· وبالتالي المخلوق كلما كان أصغر كلما كان أعقل ..
· ولهذا السبب أيضا التركيز على أن تتخيروا لنطفكم فإن العرق دساس .. تخيروا تعرفون ما معنى تخيروا ؟؟
· يعني تخيروا حتى الأكل الذي تأكلونه والذي ستتكون منه المادة المنوية في ظهر الرجل قبل أن ينتقل باللقاء إلى رحم الأنثى ..
· إلى هذه الدرجة أهمية الأكل والبيئة في الإنسان ومصيره .. بل الأمر أكبر أهمية من هذا كله ..
· فعليه حين لا تكوني – أختي الحاملة – قادرة على فعل شيء قبل أن يصل إلى رحمك الحويمن الذي سيلحق البويضة .. فلا أقل يمكنك فعل الكثير بعد أن يكون الجنين في بطنك ..
· وذلك بأن توفري له البيئة الإيمانية وهو في بطنك ..
· البيئة الإيمانية يعني أن تلتزمي بالإرشادات الإلهية في كل تصرفاتك ..اتركي الغيبة في التلفون وفي المجالس .. اتركي الدخان .. أسمعي جنينك القرآن والكلمات النورانية .. كوني على طهارة دائما .. حاولي أن لا تجالسي إلا الصافين الأنقياء .. لأن كل ما في الوجود يمكن أن يؤثر على جنينك إن خيرا فخير وإن شرا فشر ..
· على الأقل حاولي التقيد بهذا طول فترة الحمل .. وسترين بأمّ عينك النتائج المبهرة ..
· طبعا لو استمرت هذه البيئة الإيمانية طول الحياة فستحافظين على مرآة عقله صافية نقية طول حياته ..
· وثواب كل هذا سيرجع إليك أنت ..
· لأن من بذر بذرة صالحة فله ثوابها وثواب كل من يستفيد منها على طوال التاريخ ..
· هذه هي التربية وهي الأمانة الإلهية التي عاهدنا الله تعالى على تحملها يوما ما .. لكننا نسينا .. تعرفونا لم نسينا ؟؟
· بسبب الكدرات والأوساخ التي غطت على مرآة عقولنا .. وحين نقوم بجليها وتنظيفها سنتذكر ذلك العهد ..
· وهذه ليالي القدر على الأبواب .. فلنعاهد ربنا أولا وأنفسنا ثانية .. على البدء في تنظيف مرآة عقولنا .. لتعود صافية نقية تكس الأنوار الإلهية كما كانت يوما ما ..
· والحمد لله أولا وأخيرا .